(112) التلازم بين انتشار جنود الأمم المتحدة وهيئات الإغاثة حول العالم والفساد الأخلاقي
د. أحمد إبراهيم خضر - مصر
تقول "كاسندرا كليفورد" وباحثون آخرون: "ما من أحد يشاهد في الصُّحف أو على شاشات التِّلفاز جنودًا يرتدون البيريهات أو الخوزات الزرقاء، إلاَّ وتقفز إلى مُخيِّلته "حمائم السلام"، إنَّهم جنود الأمم المتحدة، الجنود الذين يمدون الأطفالَ والنساء والرجال بالحماية والأمن في بلاد تدمّرها النِّزاعات المسلحة في مُختلف بلاد العالم، وما أن يقع بصرُ الأطفال على هؤلاء الأجانب ذوي البيريهات الزَّرقاء، حتى يندفعون إليهم، ويثقون بهم في الحال، ويسعون إلى مصادقتهم".

كل هذا عاد سرابًا، فليس هؤلاء الجنود بهذه الصُّورة المُتخَيلة عنهم، إنَّهم ذِئاب بشرية استغلوا الثِّقَة والسلطة التي منحتْها إيَّاهم البيريهات الزَّرقاء، واستخدموها في هَتْكِ أعراض النساء، والأطفال، والولدان، بل أفرطوا في ذلك.

من الممكن أن نتوقع أنَّ أفعالاً مثل "هتك الأعراض، والتجارة فيها، والاستغلال الجنسي، والاغتصاب" تصدر من الجنود العاديِّين، أو الجنود المحتلين لبلدٍ ما، لكنَّه من غير المتوقع أبدًا أن يقوم بهذه الأفعال جنود قوات حفظ السلام الدولية، لكن ولسوء الحظ هذا أمرٌ قد وقع بالفعل، ليس في بلد واحد، ولكن في العديد من البُلدان، والأسوأ من هذا كله هو أنَّ هذه الاعتداءاتِ المتكررةَ على الأطفال والنساء لا تقعُ من قِبَل الجنود فقط، ولكن من قِبَل قادتهم أيضًا، وبصورة متكررة.

في الصومال: قام الجنود الدوليُّون بـ "شَيِّ" طفل صومالي، حسبما اعترف أحدُ الجنود البلجيك، وأحد الجنود الإيطاليِّين اغتصب طفلاً بوحشية حتى مات.

في ليبيريا: فتاةٌ في الثامنة من عمرها اشتدتْ حاجتُها إلى الطعام، فأعطاها جنود حفظ السلام ما تريد، ولكن مقابل ممارسة الجنس معها.

في الكونغو: تَلَقَّى مكتب خدمات المراقبة الداخلي OIOS شكوى استغلال جنسي ضِدَّ جنديين من جنود الأمم المتحدة العاملين في بعثتها هناك.

لو تخيلت طفلاً قُتِل كل أفراد عائلته، واحترق منزلُه أمامَ عينيه، وكان هو الوحيد الذي نجا، فهرب، وهام على نفسه حتى اع...